الكثير من المستخدمين يعتقدون أن إيقاف تشغيل الموقع في الهاتف أو الكمبيوتر كفيل بحمايتهم من التتبع، لكن الواقع مختلف تمامًا. حتى مع تعطيل خدمة تحديد الموقع، هناك تقنيات وأساليب أخرى تستمر في جمع بياناتك، مثل تتبع عناوين IP، شبكات Wi-Fi، أو حتى نشاط التطبيقات. هذا يعني أن حماية الخصوصية تحتاج إلى أكثر من مجرد إيقاف زر الموقع. في هذا المقال ستتعرف على الأسباب الحقيقية وراء استمرار التتبع، والطرق العملية التي يمكنك اتباعها للحد منه بشكل فعال.
يحتوي هاتفك على زرّ تحديد الموقع في شريط تمرير الإعدادات السريعة. يمكنك أيضًا العثور عليه في تطبيق الإعدادات كزرّ تحديد الموقع. يعني إيقافه أن موقع هاتفك لم يعد مُتتبّعًا، ولكن حتى مع إيقافه، سيظلّ الموقع قيد التتبع. دعني أوضح لك السبب وكيف يُمكنك زيادة صعوبة تتبّع هاتفك.
ما وظيفة زرّ تحديد الموقع فعليًا؟
أولًا، يعمل زرّ تحديد الموقع فقط مع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) داخل الهاتف. يؤدي إيقافه إلى إيقاف تشغيله. يتتبّع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) دقيق في نطاق بضعة أمتار، لكن التتبع عبر الأقمار الصناعية ليس الطريقة الوحيدة لتتبع هاتفك بدقة.
قد تظن أن الطريقة الوحيدة الأخرى هي التثليث الخلوي، الذي يستخدم أقرب برج خلوي لتحديد موقعك بدقة، ولكنه لا يحدد مكان هاتفك بدقة. كما أنه أقل دقة في حال وجود تداخل. ولكن حتى مع تعطيل خدمة الهاتف الخلوي أو إزالة بطاقة SIM، لا يزال من الممكن تتبعك.
هناك العديد من الطرق الأخرى التي تتيح للشركات والأفراد تتبع موقعك بدقة تماثل دقة تحديد المواقع عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) (وسجل مواقعك أيضًا).
لا تزال التطبيقات قادرة على تتبعك بدون نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)
بمجرد اتصالك بالإنترنت، يصبح عنوان IP الخاص بك مرئيًا للتطبيقات والمواقع الإلكترونية. يرتبط عنوان IP العام هذا بمزود خدمة الإنترنت لديك، وتحتفظ بعض الشركات بقواعد بيانات ضخمة لعناوين IP العامة وتسجيلات مزودي خدمة الإنترنت، مُعلَّمة بالموقع الجغرافي. يمكن لأي شخص يستطيع رؤية عنوان IP العام الخاص بك استخدام هذه القواعد للبحث عن الحي (أو على الأقل المدينة أو البلدة التي تتواجد فيها).
وكما هو الحال مع عناوين IP، هناك مؤسسات تحتفظ بقواعد بيانات ضخمة لنقاط وصول Wi-Fi مرتبطة بنقاط GPS. الآن يقوم هاتفك بالبحث بشكل مستمر عن شبكات Wi-Fi المتوفرة حولك وجمع المعلومات حول هذه الشبكات.
من خلال تتبع قوة إشارة الواي فاي، يستطيع التطبيق تحديد بُعدك عن نقطة وصول الواي فاي المحددة. ثم يُقارن هذا التقدير بقواعد بيانات المواقع الواسعة المتاحة على الإنترنت لتوقع موقعك. يتميز هذا التتبع بدقة مذهلة، تصل إلى متر أو ثلاثة أمتار.
تفعل الهواتف شيئًا مشابهًا مع البلوتوث أيضًا، إلا أن دمجه مع تلك الطرق الأخرى يجعل التتبع دقيقًا حتى السنتيمتر. هناك خوارزميات تعلم آلي متطورة للغاية تجعل هذه التنبؤات أكثر دقة وثباتًا.
غالبًا ما ترى تطبيقات تطلب أذونات للوصول إلى موقعك. إذا منحت هذا الإذن ولو لمرة واحدة، فسيخزن التطبيق بيانات الموقع هذه في ذاكرته. بعد ذلك، حتى لو عطّلت نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو ألغيت هذا الإذن، فسيحتفظ بآخر موقعك المعروف. بعد ذلك، يمكنه دمج سجل GPS المُؤقت مع عنوان IP أو تتبع شبكة Wi-Fi للتنبؤ بموقعك الحالي. على سبيل المثال، يمكن للتطبيقات معرفة وقت قيادتك لأن الهواتف مزودة بأجهزة استشعار يمكنها تتبع اتجاه الهاتف وسرعته.
تحاول المتصفحات تحديد موقعك بانتظام
عنوان IP العام الخاص بك ليس الطريقة الوحيدة التي تستخدمها مواقع الويب لتتبع موقعك. يمكن لمواقع الويب أن تطلب من متصفح هاتفك الوصول إلى نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) من خلال طلب واجهة برمجة تطبيقات بسيط. كما يمكنها الوصول إلى شبكة Wi-Fi وتحديد المواقع الخلوية للحصول على موقعك الدقيق. مع ذلك، يجب عليك منح هذا الوصول يدويًا.
كما هو الحال مع التطبيقات، يمكن لمواقع الويب استخدام ملفات تعريف الارتباط للاحتفاظ بسجل لآخر مواقعك المعروفة، حتى بعد إلغاء وصولها إلى خدمات تحديد الموقع الجغرافي. تتفوق مواقع الويب على التطبيقات إلى حد ما، لأن ملفات تعريف الارتباط والبرامج النصية تسمح لها بتتبعك عبر مواقع الويب. يمكنها جمع بيانات موقعك ومشاركتها مع بعضها البعض لمجرد أن متصفحك يسمح بملفات تعريف الارتباط وجافا سكريبت.
يعرف جوجل كل مكان زرته ويحتفظ بسجل
افتح تطبيق خرائط جوجل على هاتفك وانقر على أيقونة ملفك الشخصي. ثم انتقل إلى الإعدادات > الجدول الزمني للخرائط.
هنا سترى جدولًا زمنيًا يتتبع كل مكان زرته. سيعرض لك جميع المدن والمباني والطرق ورحلات العطلات التي قمت بها وتاريخها. يمكن تصفية الجدول الزمني حسب السنة أو التاريخ أو الأماكن الأكثر زيارة. يعرض الجدول الزمني العناوين والطرق، وما إذا كنت قد ذهبت إليها سيرًا على الأقدام أو بالسيارة أو بالدراجة.
كيفية تقليل تتبع الموقع
باستثناء إزالة شريحة الشبكة يدويًا أو وضع الهاتف في كيس فاراداي، لا توجد طريقة مؤكدة لتعطيل تتبع الموقع على الهاتف. مع ذلك، يمكنك تقليله. ابدأ بالانتقال إلى الإعدادات > أذونات التطبيقات، ثم قم بإلغاء أذونات الموقع للتطبيقات. معظم التطبيقات لا تحتاج إلى الوصول إلى موقعك على أي حال، لذا يُنصح بإيقاف خدمات الموقع الخاصة بها.
يمكنك إيقاف تشغيل الواي فاي والبلوتوث عند عدم الحاجة إليهما. بالنسبة لحسابات جوجل القديمة، تكون ميزة سجل المواقع التي تحدثت عنها مفعلة افتراضيًا، وإذا كانت متوفرة لديك، يمكنك ببساطة تعطيلها من صفحة الجدول الزمني.
تُتعقّب الهواتف الحديثة باستمرار على نطاق يصعب تخيّل أو تقديره تمامًا. إيقاف تشغيل شريحة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وهي وظيفة تبديل الموقع فقط، ليس الحل الوحيد. يمكن للتطبيقات استخدام واي فاي وبلوتوث لتتبعك بنفس الدقة، إن لم يكن أكثر.
إيقاف تشغيل الموقع خطوة جيدة، لكنها ليست كافية لحماية خصوصيتك بالكامل. التتبع قد يستمر عبر وسائل أخرى أقل وضوحًا، مما يجعل من الضروري معرفة الأدوات والإعدادات التي تساعدك على التحكم ببياناتك بشكل أوسع. من خلال الجمع بين تعطيل الموقع واستخدام إعدادات الخصوصية الإضافية، يمكنك تقليل التتبع بشكل ملحوظ والتمتع بتجربة رقمية أكثر أمانًا.