يظن الكثير من المستخدمين أن تشغيل VPN يجعلهم غير مرئيين تمامًا على الإنترنت، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه. فبعض مزودي VPN يحتفظون بسجلات لأنشطتك، بينما يدّعي آخرون أنهم لا يسجلون أي بيانات على الإطلاق. هذه “السجلات” قد تتضمن معلومات مثل عنوان IP، وقت الاتصال، وحتى المواقع التي تزورها أحيانًا.
معرفة ما يمكن أن يراه مزود VPN حقًا ليست مسألة تقنية فحسب، بل مسألة ثقة. سنستعرض في هذا المقال أنواع السجلات التي تجمعها بعض الخدمات، وكيف يمكنك التحقق مما إذا كان VPN الذي تستخدمه يحميك فعلاً أم يمنحك شعورًا زائفًا بالأمان.
عند استخدامك خدمة VPN، لا يستطيع مزود خدمة الإنترنت (والمستخدمون الآخرون على الشبكة) سوى رؤية اتصالك بخدمة VPN. لا يمكنهم رؤية المواقع التي تزورها أو ما تفعله هناك.
ومع ذلك، تستطيع خدمة VPN نفسها رؤية كل ما يراه مزود خدمة الإنترنت عادةً، مما يعني أنك بحاجة إلى الثقة في خدمة VPN بأنها ستعامل هذه المعلومات على أنها خاصة، وتحميها وفقًا لذلك. وهنا تبرز مسألة “سجلات” VPN، وهي أحد العوامل الرئيسية عند اختيار خدمة VPN.
ما هي سجلات VPN في الواقع؟
ستلاحظ أن خدمات VPN غالبًا ما تُسوّق على أنها “خالية من السجلات” أو تُطلق دعاية إيجابية حول ممارسات التسجيل الخاصة بها، ولكن ما هو “سجل” VPN في المقام الأول؟ كما يوحي الاسم، السجل هو نوع من السجلات.
قد يحتفظ خادم VPN الذي تتصل به بسجل لأنشطتك ويحفظه بطريقة يمكن تتبعها إليك شخصيًا. بشكل عام، هناك ثلاثة أنواع من السجلات التي يُحتمل أن تحتفظ بها خدمة VPN:
- سجلات الاتصال تُسجل وقت اتصالك، وعنوان IP الخاص بك، وربما مُعرّفات الجهاز التي يُمكن الاطلاع عليها عبر متصفحك أو أجهزة الشبكة.
- سجلات الاستخدام هي سجلات لما فعلته أثناء استخدام VPN، بما في ذلك مواقع الويب التي زرتها والملفات التي نزّلتها.
- سجلات البيانات الوصفية هي جوانب أخرى من استخدامك، مثل مدة جلستك، ومقدار النطاق الترددي الذي استخدمته، وخوادم VPN المُحددة التي اتصلت بها.
عادةً ما تتبع خدمات VPN سياسة تسجيل عامة، لإعلامك بكيفية استخدام بياناتك.
- تؤكد شبكات VPN التي لا تحتفظ بالسجلات أنها لا تحتفظ بالسجلات. ويدّعي بعضها أنها لا تكتب هذه السجلات على القرص، بل تحتفظ بها فقط في ذاكرة الوصول العشوائي (RAM) أثناء نشاط جلستك، حيث لا يُمكن استعادتها بعد فقدانها. ومع ذلك، من المهم التحقق مما إذا كان مُزوّد خدمة عدم
- الاحتفاظ بالسجلات قد خضع لتدقيق مُستقل. عادةً ما تتبع شبكات VPN ذات السجلات المحدودة سياسات تسجيل، حيث يتم الاحتفاظ ببعض البيانات فقط، عادةً مؤقتًا، لإجراء تحليلات الأداء أو استكشاف الأخطاء وإصلاحها. ومع ذلك، قد تكون هذه السجلات قابلة للاسترداد حتى بعد الحذف، وذلك حسب كيفية تخزين تلك البيانات ومسحها.
- تحتفظ شبكات VPN ذات السجلات الكاملة بجميع البيانات وتسهل ربطها بك تحديدًا. عادةً ما تعمل شبكة VPN الخاصة بصاحب عملك بهذه الطريقة، لذا تذكر فصل الاتصال بها قبل التصفح الشخصي!
فما أهمية ذلك؟ حسنًا، حتى لو لم تكن خدمة VPN نفسها تنوي استخدام بياناتك بطريقة قد تنتهك خصوصيتك، فقد تكون ملزمة قانونيًا في بعض الدول بتسليم هذه السجلات إلى قاضٍ يأمر بذلك. وبالمثل، قد يتم اختراق خدمة VPN نفسها، وإذا لم يتم تخزين البيانات مطلقًا، فلن يتمكن المخترق من سرقتها.
كيف يستخدم مزودو VPN السجلات
لقد تطرقتُ إلى هذا بإيجاز، ولكن هناك بعض الأسباب المشروعة التي تدفع شبكة VPN للاحتفاظ بسجلات، ولو مؤقتًا. مراقبة الأداء واكتشاف المشاكل أمرٌ أساسي. إذا لم يكن لدى مزود VPN طريقة لتتبع مكان وزمان بدء المشكلة، فسيكون من الصعب جدًا إصلاحها. ستحتاج أيضًا إلى نوع من التسجيل للكشف عن هجمات البرامج الضارة والرسائل غير المرغوب فيها وإساءة استخدام الشبكة. مع أن التسجيل المؤقت كافٍ في معظم الحالات.
أحد أسباب ضرورة الانتباه إلى مكان شبكتك الافتراضية هو اختلاف الالتزامات القانونية. بعض الدول تشترط على الشبكة الافتراضية الاحتفاظ بسجلات مستخدم مفصلة لفترة زمنية معينة، حتى تتمكن الحكومة من طلبها مع وجود مبرر. عادةً ما تُصرّح شبكات VPN الموجودة في دول لا تفرض التسجيل بذلك بشكل واضح كجزء من حملاتها التسويقية.
على الجانب السلبي، يمكن لبعض مزودي VPN (وخاصةً شبكات VPN “المجانية”) استخدام بياناتك لكسب المال، عن طريق بيعها للمعلنين أو استخدامها لأغراض تسويقية. بالطبع، يتبع هذا نفس مبدأ إخفاء الهوية والتجميع المُتبع في جميع أنواع الخدمات الأخرى (مثل مواقع التواصل الاجتماعي) التي نستخدمها بالفعل. مع أن هذا ربما لا يُحسّن الوضع.
ما لا تستطيع شبكات VPN رؤيته
لا تستطيع شبكات VPN رؤية أي شيء عن نشاطك على الإنترنت أكثر مما يستطيع مزود خدمة الإنترنت الاطلاع عليه. بمعنى آخر، لا يمكنها رؤية محتوى المواقع المشفرة، وهي جميع المواقع تقريبًا هذه الأيام. كما لا تستطيع VPN رؤية أي شيء على جهاز الكمبيوتر الخاص بك، مثل الملفات المحلية، إلا إذا كان هناك تطبيق عميل VPN يقوم بمهمة غريبة. لكن لا تمر أي من هذه المعلومات عبر نفق VPN الفعلي.
كما أن VPN لا تعرف هويتك إلا إذا قدمت لها هذه المعلومات، أو استخدمت طريقة دفع مرتبطة مباشرةً بهويتك. مع ذلك، فإن معظم مستخدمي VPN يقدمون في الواقع أسماءهم الحقيقية وعناوين بريدهم الإلكتروني الأساسية وطرق الدفع الشائعة. إذا كنت ترغب في الحفاظ على سرية هويتك، فستحتاج إلى البحث عن خدمة VPN تقبل، على سبيل المثال، العملات المشفرة وتستخدم حساب بريد إلكتروني وهمي.
كيفية اختيار شبكة VPN تحميك فعليًا
باختصار، دعونا نلخص أهم النقاط التي يجب أن تبحث عنها في شبكة VPN إذا كنت قلقًا بشأن ارتباط نشاط تصفحك بك:
ابحث عن شبكة VPN خالية من السجلات وخاضعة لتدقيق مستقل.
تأكد من أنها تقع في منطقة قضائية لا تشترط التسجيل ولا يمكنها إجبار السلطات على تسليم السجلات.
ابحث عن تقنية مفتوحة المصدر وشفافة. تُعد برامج التشغيل مفتوحة المصدر، وعمليات تدقيق الأمن العام، والخوادم التي تعتمد على ذاكرة الوصول العشوائي فقط، كلها علامات على جدية شبكة VPN في الحفاظ على خصوصيتك.
مع ذلك، ضع توقعات واقعية. شبكات VPN ليست أدوات سحرية تخفي أنشطتك على الإنترنت. إذا كنت ترغب في استخدام شبكة VPN للقيام بشيء غير قانوني، فمن الأفضل الامتناع عن مخالفة القانون!
اختيار VPN موثوق لا يعني فقط النظر إلى السعر أو السرعة، بل التأكد من سياسات الخصوصية الفعلية التي يتبعها المزود. اقرأ دائمًا سياسة “عدم الاحتفاظ بالسجلات” بدقة، وتأكد من وجود مراجعات مستقلة تثبت التزام الشركة بها. حتى أفضل VPN لا يمكنه إخفاء كل شيء إذا كان يجمع بياناتك دون علمك. الخصوصية الحقيقية تبدأ بالوعي بما تفعله وبمن تثق به على الإنترنت.
